الملصق الغذائي

كيف تقرأ الملصق الغذائي خلال 30 ثانية؟

في كل مرة تقف فيها أمام رفوف السوبرماركت، قد تشعر أنّك تختار الأفضل لأن العبوة تقول: لايت، صحي، غني بالبروتين، أو بدون سكر. لكن الحقيقة أن الحكم العادل لا يكون من الواجهة، بل من الملصق الغذائي. فهذا الملصق هو بطاقة الهوية الحقيقية للمنتج: يوضح حجم الحصة، والسعرات الحرارية، وكمية السكريات المضافة، والدهون المشبعة، والصوديوم، والألياف، والبروتين،وهي عناصر قد تصنع فرقًا كبيرًا بين خيار يدعم هدفك في إنقاص الوزن وخيار يعرقل تقدّمك دون أن تشعر.

في هذه المقالة ستتعرف الى طريقة بسيطة لقراءة الملصق الغذائي خلال وقت قصير وبأسلوب واضح. كيف تبدأ من حجم الحصة؟ وكيف تستخدم القيمة اليومية %DV بسرعة؟ وكيف تكشف التسويق المضلّل عبر قائمة المكونات؟ الهدف أن تخرج بمهارة عملية تساعدك على اختيار منتجات أذكى، وتقليل السعرات الخفية، وبناء نظام غذائي متوازن بسهولة وثقة.

ماذا اقرأ على الملصق الغذائي اولاً؟

أول سطر يجب أن تبدأ به دائمًا على الملصق الغذائي هو حجم الحصّة (Serving Size) وعدد الحصص في العبوة، لأنه المفتاح الذي يحدد معنى كل رقم بعده. فالسعرات الحرارية، والسكريات، والدهون، والصوديوم ،كلها تُكتب لكل حصّة واحدة كما تحددها الشركة، وليس لما ستأكله أنت فعليًا. وهنا يقع معظم الناس في الخطأ: قد تبدو العبوة مناسبة للرجيم، لكن إذا تناولت حصّتين بدل حصّة واحدة فستتضاعف السعرات والسكريات تلقائيًا. لذلك، قبل أي شيء آخر، طابق حجم الحصّة المكتوب مع الكمية التي ستتناولها فعلاً .عندها فقط تصبح قراءة بقية الملصق الغذائي دقيقة ومفيدة لهدفك في إنقاص الوزن.

ما معنى “حجم الحصة” ولماذا يغيّر كل الحسابات؟

حجم الحصّة (Serving Size) هو الكمية التي تعتمدها الشركة كـ“وحدة قياس” عند كتابة كل معلومات الملصق الغذائي. أي أن السعرات الحرارية وكمية السكر والكربوهيدرات والدهون والصوديوم والبروتين المكتوبة على الجدول ليست للعبوة كلها بالضرورة، بل لحصّة واحدة فقط (مثل: 30 غرامًا من رقائق الإفطار، أو نصف كوب، أو قطعة واحدة).

ولهذا يغيّر حجم الحصّة كل الحسابات: لأنك إذا تناولت كمية أكبر من الحصّة المكتوبة، فإنك لا تزيد “قليلًا” فقط،بل تضاعف الأرقام بالكامل. مثال بسيط: إذا كانت الحصّة 25غ والسعرات 120، وأنت أكلت 50غ، فأنت عمليًا تناولت 240 سعرة، وكذلك السكر والدهون والصوديوم. لذلك، أي تقييم لمنتج “مناسب للرجيم” لا يبدأ من السعرات، بل من سؤال واحد: كم حصّة سأأكل فعليًا؟ عندها فقط تصبح قراءة الملصق دقيقة وتخدم هدفك.

ما معنى %DV وكيف أستخدمه بسرعة ؟

%DV تعني النسبة من “القيمة اليومية” (Daily Value). وهي طريقة سريعة تقول لك: كم يساهم هذا المنتج في حصّة واحدة من احتياجك اليومي التقريبي من عنصر معيّن. بدل أن تحفظ أرقامًا معقدة (كم مليغرام صوديوم كثير؟ وكم غرام دهون مشبعة كثير؟)، يعطيك %DV حكمًا جاهزًا: منخفض أم مرتفع.

كيف تستخدم %DV بسرعة وباحتراف؟

اعتبرها “إشارة مرور”:

  • 0–5% = منخفض
  • 6–19% = متوسط
  • 20% أو أكثر = مرتفع

وماذا يعني “منخفض/مرتفع”؟ يعتمد على نوع العنصر

1) عناصر نريدها أقل (لأهداف الرجيم والصحة):

  • الدهون المشبعة
  • الصوديوم (الملح)
  • السكريات المضافة
    هنا القاعدة الذهبية: ابحث عن 5% أو أقل قدر الإمكان، وتجنب المنتجات التي تعطيك 20% أو أكثر من هذه العناصر في حصّة واحدة (خصوصًا إذا كنت ستأكل أكثر من حصّة).

2) عناصر نريدها أعلى (للشبع وجودة الغذاء):

  • الألياف
  • بعض الفيتامينات والمعادن (حسب الهدف)
    هنا الأفضل أن ترى 20% أو أكثر للألياف إن أمكن؛ لأنها تساعد على الشبع، وتحسين الهضم، وتنظيم الشهية.

طريقة “10 ثوانٍ” داخل السوبرماركت

  1. تأكد أولًا من حجم الحصّة (لأن %DV مرتبط بها).
  2. انظر إلى %DV للـ سكريات المضافة + الدهون المشبعة + الصوديوم: اجعلها منخفضة.
  3. انظر إلى %DV للألياف: اجعلها مرتفعة.
  4. عند مقارنة منتجين، اختر الذي يحقق: أقل في “السلبيات” + أعلى في الألياف.

مثال سريع لتثبيت الفكرة

إذا وجدت سناكًا مكتوب عليه:

  • صوديوم 22% DV + دهون مشبعة 18% DV + ألياف 2% DV
    فهذا “مرتفع في ما نريد تقليله” و“ضعيف في ما نريد زيادته” → خيار غير مناسب غالبًا للرجيم.
    بينما سناك آخر:
  • صوديوم 4% DV + دهون مشبعة 3% DV + ألياف 20% DV
    هذا غالبًا أفضل للشبع ولإنقاص الوزن.

 

قراءة الملصق الغذائي

كيف أعرف أن المنتج مشبع من الملصق الغذائي؟

يمكنك أن تعرف إن كان المنتج مُشبعًا من الملصق الغذائي عبر البحث عن ثلاثة مؤشرات واضحة: بروتين مرتفع، ألياف مرتفعة، وسكر مضاف منخفض.

ابدأ بالبروتين لأنه أكثر عنصر يدعم الشبع؛ فالسناك الجيد غالبًا يحتوي 10 غ بروتين أو أكثر، والمنتج الذي يُؤكل كوجبة يفضّل أن يقترب من 20–30 غ. بعدها انظر إلى الألياف لأنها تُبطئ الهضم وتُطيل الإحساس بالامتلاء؛ ابحث عن 3–5 غ ألياف في السناك أو 5 غ فأكثر في الوجبة (أو %DV مرتفعة للألياف). ثم افحص السكريات المضافة: كلما ارتفعت كان الشبع “قصيرًا” لأن السكر يرفع الشهية سريعًا بعده، لذا الأفضل أن تكون قليلة قدر الإمكان.

وأخيرًا اربط هذه الأرقام بـ حجم الحصة: قد يبدو المنتج مشبعًا على الورق، لكن إذا كانت الحصة صغيرة جدًا فسيتغير الحكم. بهذه القاعدة البسيطة بروتين + ألياف + سكر مضاف منخفض مع حصة واقعية ،ستتمكن من اختيار منتجات تشبعك فعلاً وتخدم هدفك في الرجيم.

استشر دكتور دايت لأي سؤال او استفسار عن الأنظمة الغذائية 

هل اختلاف الشركات في حجم الحصة مقصود؟

قد يكون اختلاف الشركات في حجم الحصّة مقصودًا أحيانًا ،لكن ليس دائمًا. والسبب أن “حجم الحصّة” على الملصق الغذائي هو المرجع الذي تُبنى عليه كل الأرقام (السعرات، السكر، الدهون، الصوديوم…)، لذلك تغييره يغيّر “شكل” الأرقام أمامك.

لماذا يختلف حجم الحصّة بين الشركات؟

  • اختلاف المنتج نفسه: نفس الفئة قد تأتي بأحجام وتركيبات مختلفة (مثلاً: بسكويت أكبر/أصغر، حبوب إفطار أخف/أثقل كثافة)، فتختلف الحصّة منطقيًا.

  • اختلاف طريقة القياس: شركة تكتبها “قطعة واحدة”، وأخرى “بالغرام”، وثالثة “ملعقتان”. هذا وحده يخلق تفاوتًا حتى لو كان المنتج متقاربًا.

  • هامش تسويقي مشروع: بعض الشركات تميل لاختيار حصّة أصغر (ضمن المسموح عادةً) لأن ذلك يجعل السعرات والسكريات تبدو أقل لكل حصّة، فيظهر المنتج “أخف” على الورق.

كيف تتعامل مع ذلك باحتراف (وتمنع التضليل)؟

  1. لا تحكم من “لكل حصّة” عند المقارنة بين منتجين مختلفين.

  2. قارن دائمًا لكل 100غ/100مل إن كانت موجودة (أو احسبها)، لأنها توحّد المقارنة.

  3. راجع سطر عدد الحصص في العبوة واسأل: “كم حصّة سأأكل فعليًا؟” ثم اضرب الأرقام وفقًا لذلك.

بهذه الطريقة، حتى لو كان اختلاف حجم الحصّة مقصودًا لأسباب تسويقية، لن يؤثر على قرارك وستقرأ الملصق الغذائي بذكاء يخدم هدفك في الرجيم.

كيف أشرح الملصق الغذائي لطفل أو مراهق؟

لشرح الملصق الغذائي لطفل أو مراهق بطريقة سهلة ومقنعة، اجعلها قواعد بسيطة بدل أرقام معقدة، وركّز على الهدف: اختيار طعام يساعد على الطاقة والتركيز والشبع.

1) ابدأ بتشبيه واضح

قل له: الملصق الغذائي مثل بطاقة تعريف المنتج: يخبرك ماذا بداخله؟ وكم تأكل منه؟ وهل يساعدك أم يرهق جسمك؟

2) قاعدة 20 ثانية: 4 أشياء فقط

(1) حجم الحصّة

  • هذه الأرقام لحصّة واحدة فقط.

  • اسأله: “هل ستأكل حصّة واحدة أم أكثر؟”

لو أكل حصّتين = الأرقام تتضاعف.

(2) السكر المضاف

  • اشرحها ببساطة: “السكر المضاف هو السكر الذي أضافوه، ليس الطبيعي الموجود في الفاكهة/الحليب.”

  • قاعدة سهلة: كلما كان أقل كان أفضل، خاصة للمشروبات والسناكات.

(3) الألياف والبروتين (أصدقاء الشبع)

  • الألياف والبروتين يجعلونك تشبع وتثبت طاقتك.

  • قل له: “ابحث عن رقم جيد منهما بدل سناك يرفع السكر بسرعة.”

(4) المكوّنات (أول 3 مكونات)

  • المكوّنات مرتبة من الأكثر للأقل.

  • قاعدة: إذا كانت أول المكونات سكر/شراب/دقيق أبيض → غالبًا خيار أقل جودة.

  • إذا كانت أول المكونات طعام حقيقي (شوفان/حليب/حمص/فول/مكسرات) → غالبًا أفضل.

3) استخدم لعبة مقارنة داخل المتجر

اختر منتجين متشابهين (مثلاً: زبادي أو حبوب إفطار) وقل:

  • أي واحد سكره أقل؟

  • أي واحد أليافه/بروتينه أعلى؟

  • كم حصّة في العبوة؟

اجعلها منافسة لطيفة بدل محاضرة.

4) قواعد جاهزة للمراهق (واقعية بدون مثالية)

  • لا يوجد “طعام ممنوع”، لكن يوجد اختيار يومي واختيار أحيانًا.

  • المشروبات: الأفضل أن يكون السكر قليل جدًا.

  • السناك الجيد: يحتوي بروتين أو ألياف ش بس سكر).

  • لا تنخدع بكلمات على الواجهة: “Fit / طبيعي / لايت”… الحكم من الملصق.

5) جملة تربطها بالهدف الذي يهمه

  • للطالب: “اختيار سناك أقل سكرًا وأعلى بروتينًا يساعدك تركز وتثبت طاقتك”.

  • للرياضي/الجيم: “ابحث عن بروتين أعلى وسكر مضاف أقل.”

  • لمن يريد وزن صحي: “حجم الحصة + السكر المضاف أهم شيء.”

شرح الملصق الغذائي

هل طول قائمة المكونات مؤشر على جودة المنتج؟

طول قائمة المكونات وحده على الملصق الغذائي ليس مؤشرًا قاطعًا على جودة المنتج؛ قد يكون المنتج جيدًا رغم قائمة طويلة (مثل خبز حبوب كاملة مُدعّم أو زبادي مُضاف له بكتيريا نافعة)، وقد يكون سيئًا بقائمة قصيرة إذا كانت مكوّناته أساسًا سكرًا ودهونًا. لكن طول القائمة يمكن أن يكون إشارة تنبيه عندما يترافق مع نوعية مكونات معيّنة.

ما الذي يُعدّ مؤشرًا أقوى من الطول؟

  • أول 3–5 مكونات: هي الأكثر وجودًا. إذا بدأت بـ سكر/شراب/دقيق مكرر/زيوت مهدرجة فغالبًا الجودة أقل، حتى لو كانت القائمة قصيرة.

  • عدد وأنواع السكريات: أحيانًا تُوزَّع السكريات بأسماء متعددة لتبدو أقل؛ وجود عدة أنواع سكر في القائمة علامة تسويق شائعة.

  • الدهون الصناعية/الزيوت المتكررة: كثرة زيوت مكررة مع سكر تعني غالبًا منتجًا مُصمّمًا للطعم أكثر من التغذية.

  • الإضافات: ليست كلها “سيئة”، لكن كثرتها (ملونات/محسنات/مثبتات/منكهات) قد تشير إلى منتج شديد المعالجة.

  • قابلية فهم المكونات: كلما كانت المكونات طعامًا حقيقيًا ومألوفًا، كان ذلك غالبًا أفضل مع استثناءات كما ذكرنا.

كيف أعرف إن المنتج مُعالج بشدة من الملصق الغذائي؟

تستطيع أن تعرف إن المنتج مُعالج بشدة من الملصق الغذائي عبر 5 إشارات سريعة (كلما اجتمعت أكثر، زادت احتمالية أنه Ultra-Processed):

  1. مكوّنات “غير مطبخية”
    إذا وجدت أسماء لا تُستعمل عادة في الطبخ المنزلي مثل:
    مالتوديكسترين، نشا مُعدّل، بروتين معزول (Isolate)، مركزات/معزولات، محسنات قوام، مواد حاملة… فهذه علامة قوية على معالجة عالية.

  2. إضافات كثيرة لتحسين الطعم/القوام
    وجود عدة إضافات مثل:
    مستحلبات، مثبتات، مواد حافظة، ملونات، منكّهات/نكهة مطابقة للطبيعة
    يعني غالبًا أن المنتج “مُركّب” ليعطي طعمًا وقوامًا محددين، لا أنه طعام بسيط بمكونات قليلة.

  3. سكر بأسماء متعددة
    لو رأيت السكر بأكثر من اسم في قائمة المكونات (مثل: سكر، شراب جلوكوز، شراب ذرة، ديكستروز، فركتوز، عسل…) فهذا غالبًا أسلوب لتوزيع السكر عبر أسماء مختلفة، وهو شائع في المنتجات المعالجة بشدة. شاهد الدكتور كرماني يتحدث عن : كيف تتوقف عن تناول السكر؟

  4. دهون صناعية/زيوت مكررة مع معالجة إضافية
    وجود زيوت نباتية مكررة بكثرة (وأحيانًا مهدرجة/جزئيًا مهدرجة إن وُجدت) مع إضافات ومنكهات يشير إلى منتج مصنّع للطعم وسهولة الأكل أكثر من القيمة الغذائية.

  5. منتج “جاهز للأكل” بوعود تسويقية كبيرة
    إذا كان المنتج شديد الجاهزية ( سناك، حبوب محلاة، وجبة فورية) ومعه ادعاءات مثل Fit / Healthy / High Protein / Low Fat ثم تقرأ المكونات فتجد خلطة طويلة من إضافات وسكريات ومحليات ،فهذه إشارة واضحة أنه مُعالج بشدة رغم التسويق.

قاعدة عملية:
إذا كانت أول 5 مكونات تبدو طعامًا حقيقيًا (شوفان/حليب/عدس/بيض/مكسرات…) وقائمة الإضافات قليلة، فالمنتج غالبًا أقل معالجة. أما إذا امتلأت القائمة بـ منكهات، مستحلبات، محليات، نشا معدل، مركزات… فغالبًا هو مُعالج بشدة.

 

خلاصة:

في النهاية، قراءة الملصق الغذائي ليست مهارة معقّدة ولا تحتاج وقتًا طويلًا؛ هي أداة ذكية تحميك من التسويق وتمنحك قرارًا واعيًا يخدم هدفك في الرجيم والصحة. عندما تبدأ بـ حجم الحصّة، ثم تراجع السكريات المضافة والدهون المشبعة والصوديوم، وتبحث عن البروتين والألياف، وتُكمل بـ قائمة المكونات ستستطيع خلال ثوانٍ التمييز بين منتج يبدو صحيًا على الغلاف، ومنتج فعلاً يدعم الشبع ويقلّل السعرات الخفية. اجعلها عادة ثابتة في كل عملية شراء، وستلاحظ مع الوقت أن اختياراتك أصبحت أسهل، ونتائجك أكثر استقرارًا، لأنك تتحكم بما يدخل جسمك بوضوح وثقة.

 

تقييم المقالة
0
تم تسجيل تقييمك لهذا المقال سابقًا.
هاشتاغ: -

شاركونا أفكاركم

معلوماتك آمنة لدينا، ولن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني!